في مستهل تعليقاته بشأن «قيادة أميركا البيئية» يوم الاثنين الماضي، ركز الرئيس دونالد ترامب اهتمامه على البيئة في نقاط معينة، حيث صرح قائلا: «منذ اليوم الأول، جعلت إدارتي من أولى أولوياتها ضمان أن يكون في أميركا أنظف هواء وماء على الكوكب. نريد أنظف هواء ونريد ماءً في نقاء البلور. وهذا ما نفعله». وهذه أهداف تستحق الإشادة، وهي أهداف محورية في مهمة وكالة حماية البيئة منذ ظهورها قبل 50 عاماً. لكن هذه الأهداف تتعارض مع القاعدة الأساسية لسياسات إدارة ترامب، ورغم هذا قد تكون مفيدة سياسياً. والقضية البيئية المهيمنة على الجدل هي تغير المناخ، لكنها قلّما ظهرت في تصريحات ترامب أو المسؤولين الآخرين ومنهم أندرو ويلر رئيس وكالة حماية البيئة، وريك بيري وزير الطاقة.
والناس يهتمون بشأن البيئة عموماً لكن انبعاثات الكربون من الصعب لفت انتباه الناس لها، لأنها غير مرئية وتنتشر وتؤثر في المناخ بإيقاع بطيء للغاية، وليس لها أثر قاتل مباشر. ورغم هذا فرضت قضية تغير المناخ نفسها على قائمة الأولويات السياسية، ويرجع الفضل في جانب من ذلك إلى الجرأة الشديدة لـ«الصفقة الخضراء الجديدة». كما تزايد الوعي بشأن الحرائق والفيضانات في أنحاء الولايات المتحدة، وتصاعد واتسع نطاق الدعوات المطالبة بالتصدي لتغير المناخ.. ولذا بدأ المعارضون لمكافحة التغير المناخي يغيرون مواقفهم، بما في ذلك شركات النفط الكبيرة وكبار الساسة الجمهوريين.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة جالوب مؤخراً بشأن الميول تجاه القضايا البيئية أن 65% من الأميركيين يعتقدون أن حماية البيئة يجب أن تكون أولوية حتى ولو على حساب تقييد النمو الاقتصادي مقابل 30% يتبنون أولويات مضادة لتلك. وهذا التوجه يتسع منذ عام 2015 وهو على أوسع نطاق الآن منذ عام 2000. وفي الوقت نفسه يرى 59% من المشاركين في الاستطلاع أن الأداء البيئي لترامب «ضعيف»، مقارنة بنسبة 33% حظي بها باراك أوباما و43% حظي بها بوش الابن في هذا الشأن في المرحلة نفسها من إدارة كل منهما.
وينبغي وضع تصريحات ترامب بشأن البيئة في هذا السياق، وأيضاً في سياق سجل إدارته. فمنذ حملته الانتخابية الرئاسية لم يظهر ترامب اهتماماً بكبح انبعاثات الكربون، في اتساق مع نهجه الأوسع الذي يعطي أولوية لإنتاج الوقود الأحفوري وتقليص اللوائح التنظيمية. وروج ترامب لفكرة «هيمنة الطاقة» بناءً على إنتاج النفط والغاز الصخريين، وأيضاً تراجع عن معايير كفاءة الوقود التي كان من الممكن أن تقدم أمن طاقة أكثر استدامة للولايات المتحدة وتقلص الانبعاثات. كما أشاد في تصريحاته بالفحم «الجميل» و«النظيف»!
وتركيز ترامب على نقاء الهواء والماء يوفر طريقة لإظهار الاهتمام بقضايا البيئة دون أن يحمل نفسه عبء مهمة التصدي لتغير المناخ.
واستطلاع رأي جالوب نفسه الذي أشرنا إليه آنفاً، سأل المشاركين فيه عن توجههم بشأن سلسلة التهديدات البيئية. واتضح أن 44% قلقون من تغير المناخ «بقدر كبير» مقارنة بـ37% قالوا هذا قبل انتخاب ترامب. وهناك 21% أعلنوا أنهم قلقون من تغير المناخ «بقدر متوسط». هناك إذن نحو الثلثين قلقون من تغير المناخ بدرجة أو بأخرى، وهذه أغلبية كبيرة. لكن التلوث التقليدي للهواء والماء يمثل مصادر قلق أكبر فيما يبدو. فمن بين ست مشكلات طرح القائمون باستطلاعات الرأي أسئلة بشأنها، تصدر تلوث الماء والهواء القائمة.
وليس على ترامب أن يشعر بالقلق من قاعدة مؤيديه الأساسية فيما يتعلق بقضية المناخ. فقد توصل مسح أجراه مركز بيو البحثي في يناير الماضي إلى أنه رغم ارتفاع نسبة الجمهوريين الذين يعتقدون أن اتباع معايير بيئية صارمة «يستحق التكلفة»، هناك 60% من الجمهوريين الأكثر محافظة مازالوا يتبنون وجهة نظر معارضة. ورسالة ترامب البيئية تلك سيكون لها تأثير لدى هؤلاء الناخبين بسبب الجوانب الأخرى من كلمته وخاصة إشارته إلى أن التلوث تتسبب فيه إلى حد كبير دول أخرى وأن الأمواج تحمل نفايات تلك الدول لتلقي بها على سواحل أميركا. وهذا الخطاب البيئي القومي يردد صدى مواقف ترامب الأخرى بشأن التجارة والهجرة، بالإضافة إلى فكرة «هيمنة الطاقة». وربما يأمل من خلال خطابه هذا عن البيئة تقديم رسالة تلقى قبولا لدى الجمهوريين الأكثر اعتدالا وشباباً والذين يتعين عليه كسب ودهم إذا أراد أن يحسن فرصه في الفوز بانتخابات الرئاسة في نوفمبر 2020.
ليام دينج: محرر اقتصادي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
والناس يهتمون بشأن البيئة عموماً لكن انبعاثات الكربون من الصعب لفت انتباه الناس لها، لأنها غير مرئية وتنتشر وتؤثر في المناخ بإيقاع بطيء للغاية، وليس لها أثر قاتل مباشر. ورغم هذا فرضت قضية تغير المناخ نفسها على قائمة الأولويات السياسية، ويرجع الفضل في جانب من ذلك إلى الجرأة الشديدة لـ«الصفقة الخضراء الجديدة». كما تزايد الوعي بشأن الحرائق والفيضانات في أنحاء الولايات المتحدة، وتصاعد واتسع نطاق الدعوات المطالبة بالتصدي لتغير المناخ.. ولذا بدأ المعارضون لمكافحة التغير المناخي يغيرون مواقفهم، بما في ذلك شركات النفط الكبيرة وكبار الساسة الجمهوريين.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة جالوب مؤخراً بشأن الميول تجاه القضايا البيئية أن 65% من الأميركيين يعتقدون أن حماية البيئة يجب أن تكون أولوية حتى ولو على حساب تقييد النمو الاقتصادي مقابل 30% يتبنون أولويات مضادة لتلك. وهذا التوجه يتسع منذ عام 2015 وهو على أوسع نطاق الآن منذ عام 2000. وفي الوقت نفسه يرى 59% من المشاركين في الاستطلاع أن الأداء البيئي لترامب «ضعيف»، مقارنة بنسبة 33% حظي بها باراك أوباما و43% حظي بها بوش الابن في هذا الشأن في المرحلة نفسها من إدارة كل منهما.
وينبغي وضع تصريحات ترامب بشأن البيئة في هذا السياق، وأيضاً في سياق سجل إدارته. فمنذ حملته الانتخابية الرئاسية لم يظهر ترامب اهتماماً بكبح انبعاثات الكربون، في اتساق مع نهجه الأوسع الذي يعطي أولوية لإنتاج الوقود الأحفوري وتقليص اللوائح التنظيمية. وروج ترامب لفكرة «هيمنة الطاقة» بناءً على إنتاج النفط والغاز الصخريين، وأيضاً تراجع عن معايير كفاءة الوقود التي كان من الممكن أن تقدم أمن طاقة أكثر استدامة للولايات المتحدة وتقلص الانبعاثات. كما أشاد في تصريحاته بالفحم «الجميل» و«النظيف»!
وتركيز ترامب على نقاء الهواء والماء يوفر طريقة لإظهار الاهتمام بقضايا البيئة دون أن يحمل نفسه عبء مهمة التصدي لتغير المناخ.
واستطلاع رأي جالوب نفسه الذي أشرنا إليه آنفاً، سأل المشاركين فيه عن توجههم بشأن سلسلة التهديدات البيئية. واتضح أن 44% قلقون من تغير المناخ «بقدر كبير» مقارنة بـ37% قالوا هذا قبل انتخاب ترامب. وهناك 21% أعلنوا أنهم قلقون من تغير المناخ «بقدر متوسط». هناك إذن نحو الثلثين قلقون من تغير المناخ بدرجة أو بأخرى، وهذه أغلبية كبيرة. لكن التلوث التقليدي للهواء والماء يمثل مصادر قلق أكبر فيما يبدو. فمن بين ست مشكلات طرح القائمون باستطلاعات الرأي أسئلة بشأنها، تصدر تلوث الماء والهواء القائمة.
وليس على ترامب أن يشعر بالقلق من قاعدة مؤيديه الأساسية فيما يتعلق بقضية المناخ. فقد توصل مسح أجراه مركز بيو البحثي في يناير الماضي إلى أنه رغم ارتفاع نسبة الجمهوريين الذين يعتقدون أن اتباع معايير بيئية صارمة «يستحق التكلفة»، هناك 60% من الجمهوريين الأكثر محافظة مازالوا يتبنون وجهة نظر معارضة. ورسالة ترامب البيئية تلك سيكون لها تأثير لدى هؤلاء الناخبين بسبب الجوانب الأخرى من كلمته وخاصة إشارته إلى أن التلوث تتسبب فيه إلى حد كبير دول أخرى وأن الأمواج تحمل نفايات تلك الدول لتلقي بها على سواحل أميركا. وهذا الخطاب البيئي القومي يردد صدى مواقف ترامب الأخرى بشأن التجارة والهجرة، بالإضافة إلى فكرة «هيمنة الطاقة». وربما يأمل من خلال خطابه هذا عن البيئة تقديم رسالة تلقى قبولا لدى الجمهوريين الأكثر اعتدالا وشباباً والذين يتعين عليه كسب ودهم إذا أراد أن يحسن فرصه في الفوز بانتخابات الرئاسة في نوفمبر 2020.
ليام دينج: محرر اقتصادي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»